بعد عامين من النجاحات: لماذا رحل المدرب السويسري مارسيل كولر من الأهلي المصري؟ في مشهد درامي مألوف في كرة القدم العالمية، أعلن النادي الأهلي المصري – عملاق القارة السمراء وأكثر أنديتها تتويجاً بالألقاب – عن انفصاله بالتراضي عن المدرب السويسري مارسيل كولر، في خطوة هزّت الأوساط الرياضية المصرية والعربية. جاء القرار بعد يوم واحد فقط من الخروج المخيب من نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا أمام ماميلودي صنداونز الجنوب إفريقي، ليضع حداً لمسيرة امتدت لما يقارب عامين، شهد خلالها كولر نجاحات لافتة، أهمها التتويج بلقب دوري الأبطال في نسختين متتاليتين.
الفصل الأول: من هو مارسيل كولر؟ قراءة في مسيرة المدرب قبل الأهلي
قبل تسليط الضوء على فترة كولر مع الأهلي، من المهم التعرف على خلفيته التدريبية. مارسيل كولر، السويسري المولود عام 1960، بدأ رحلته مع التدريب مبكراً بعد اعتزاله اللعب. درب عدة أندية سويسرية وألمانية، أبرزها بازل، بوخوم، وكولن، كما تولى تدريب منتخب النمسا. تميّز كولر بأسلوب تكتيكي متوازن يجمع بين الانضباط الدفاعي والواقعية الهجومية [1].
حين أعلن الأهلي عن التعاقد معه في سبتمبر 2022، ظهرت تساؤلات حول مدى ملاءمته للكرة الأفريقية، لكن الرجل سرعان ما أثبت كفاءته، محققاً نتائج لافتة في فترة زمنية وجيزة.
الفصل الثاني: كولر في الأهلي – من النجاح السريع إلى بداية الخفوت
1. البداية المبهرة
جاء كولر إلى الأهلي في وقت كان فيه الفريق بحاجة لاستعادة الهيبة القارية بعد خسارة نهائي دوري الأبطال 2022 أمام الوداد المغربي. استطاع كولر سريعاً توظيف عناصر الفريق بشكل مثالي، معتمداً على صلابة دفاعية، وتنويع في طرق بناء الهجمات، واستغلال خبرة لاعبين مثل الشناوي، معلول، السولية، والشحات.
خلال موسمه الأول، توج بلقب دوري أبطال إفريقيا 2023 بعد التفوق على الوداد في النهائي، وأضاف الدوري وكأس مصر والسوبر المحلي إلى رصيده، ليحصد الخماسية في موسم واحد، ويعيد للأهلي سطوة فقدها لفترات قصيرة [2].
2. موسم ثانٍ أكثر صعوبة
مع انطلاق الموسم التالي، واصل كولر مشواره بنجاح، وفاز مجدداً بدوري أبطال إفريقيا 2024 بعد التغلب على الترجي التونسي. لكن مع نهاية العام 2024 وبداية 2025، بدأت تظهر تحديات جديدة: الإصابات، تراجع مستوى بعض النجوم، ضغط المباريات، وأزمات في غرفة الملابس، إضافة إلى منافسة بيراميدز المتصاعدة في الدوري المحلي.
الفصل الثالث: الخروج من دوري الأبطال – القشة التي قصمت ظهر البعير؟
1. سيناريو نصف النهائي أمام صنداونز
دخل الأهلي نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا 2025 باعتباره المرشح الأبرز، لكن التعادل السلبي ذهاباً في جنوب إفريقيا، ثم التعادل 1-1 إياباً في القاهرة (مع أفضلية الأهداف خارج الديار لصنداونز)، أطاح بأحلام الجماهير والإدارة. كان الأداء باهتاً، مع غياب الفعالية الهجومية، وارتباك تكتيكي في الدقائق الحاسمة.
2. ردود الفعل الأولية
جاءت ردود الأفعال سريعة وغاضبة، سواء من الجماهير التي اعتادت على الصعود إلى المنصات القارية، أو من الإعلام المصري الذي انتقد الأداء التكتيكي لكولر، واعتبره سبباً رئيسياً في الإقصاء. بدا واضحاً أن العلاقة بين المدرب والإدارة لم تعد قوية كما كانت سابقاً [3].
الفصل الرابع: أسباب الإقالة – تحليل متكامل للأبعاد الفنية والإدارية
1. الأسباب الفنية
- تراجع الأداء الهجومي: لاحظ المحللون تراجع الفاعلية الهجومية للفريق، رغم امتلاكه عناصر بارزة في الخط الأمامي. سجل الأهلي في الموسم الأخير أقل حصيلة تهديفية له في آخر خمس سنوات.
- جمود التكتيك: اعتمد كولر على خطة 4-2-3-1 بشكل ثابت تقريباً، مما جعل الفريق مكشوفاً للمنافسين الذين حفظوا أسلوب لعبه، خاصة في المواجهات الكبيرة.
- ضعف التعامل مع الأزمات: فشل المدرب في إدارة مباريات الضغط، خاصة حين يتأخر الأهلي في النتيجة أو يحتاج لتغيير إيقاع اللعب.
2. الأسباب الإدارية
- ضغوط الجماهير والإعلام: في الأهلي، لا يُغتفر الإخفاق القاري، خصوصاً مع تراجع الأداء المحلي أيضاً.
- تأثير غرفة الملابس: ترددت أنباء عن فتور العلاقة بين كولر وبعض نجوم الفريق، وغياب التناغم في بعض الفترات الحرجة.
- مقارنة مع المنافسين: مع تطور بيراميدز والزمالك، أصبح أي تراجع للأهلي محط تساؤلات إدارية وجماهيرية.
3. الأسباب النفسية والمعنوية
- الإرهاق الذهني: بعد موسمين متتاليين من الضغط المتواصل، بدا على كولر علامات الإرهاق، مما انعكس على قراراته داخل وخارج الملعب.
- فقدان الدوافع: بعد تحقيق كل البطولات الممكنة في فترة وجيزة، غابت “الجوع للنجاح” عن بعض عناصر الفريق، وظهر ذلك في انخفاض الروح القتالية في المباريات الحاسمة [4].
الفصل الخامس: كيف تم اتخاذ القرار؟ كواليس الساعات الأخيرة
بعد نهاية مباراة صنداونز، اجتمع مجلس إدارة الأهلي برئاسة محمود الخطيب في جلسة طارئة لتقييم الوضع. تشير مصادر صحفية إلى أن الاجتماع استمر حتى الساعات الأولى من صباح السبت، وتم خلاله الاستماع لرؤية الجهاز الفني، وتقييم ردود الأفعال الجماهيرية والإعلامية.
بحلول صباح السبت 27 إبريل 2025، صدر القرار الرسمي بالانفصال عن كولر بالتراضي، مع رسالة شكر رسمية عبر منصات النادي، في مشهد حضاري يعكس مكانة الأهلي واحترامه لتاريخه ومدربيه [5].
الفصل السادس: ماذا قدم كولر للأهلي؟ حصيلة بالأرقام والبطولات
1. البطولات
- دوري أبطال إفريقيا: مرتان (2023، 2024)
- الدوري المصري الممتاز: مرة واحدة
- كأس مصر: مرة واحدة
- السوبر المصري: مرتان
2. الأرقام
- عدد المباريات: 97 مباراة
- عدد الانتصارات: 66 مباراة
- تعادلات: 20 مباراة
- هزائم: 11 مباراة
- نسبة الفوز: 68%
- عدد الأهداف المسجلة: 180 هدفاً
- عدد الأهداف المستقبلة: 63 هدفاً
3. تقييم شامل
يمكن القول إن فترة كولر كانت ناجحة من الناحية الرقمية والبطولية، لكنه لم يصمد أمام الضغوط الهائلة من أجل الاستمرارية في تحقيق الإنجازات، وهو ما يُعد تقليداً راسخاً في الأهلي، حيث يكون سقف الطموحات دائماً بلا حدود [6].
الفصل السابع: كيف استقبلت الجماهير والإعلام القرار؟
1. جماهير الأهلي: بين الشكر والغضب
انقسمت آراء جماهير الأهلي بين من شكر كولر على الإنجازات وطالب بمنحه فرصة أخيرة، وبين من رأى أن التغيير كان حتمياً للحفاظ على شخصية النادي المتعطشة للبطولات. تصدر هاشتاغ #شكراً_كولر و#الأهلي_فوق_الجميع منصات التواصل الاجتماعي لساعات طويلة.
2. الإعلام الرياضي: قراءة متوازنة
اتسمت تحليلات الإعلام المصري بالتوازن، حيث أجمعت أغلب الصحف والبرامج الرياضية على أن كولر مدرب كبير، لكنه دفع ثمن الإخفاق في اللحظات الكبيرة، وأن الأهلي بحاجة لمدير فني يجدد الدماء ويعيد الحافز للفريق [7].
الفصل الثامن: انعكاسات القرار على مستقبل الأهلي
1. اختيار المدرب الجديد
سيكون التحدي الأول أمام الإدارة هو اختيار مدرب جديد في أسرع وقت ممكن، قبل نهاية الموسم، لضمان الاستقرار والاستعداد للموسم المقبل. الخيارات المطروحة تتراوح بين مدرب أجنبي صاحب خبرة أفريقية، أو العودة لمدرب وطني مثل حسام البدري أو محمد يوسف، أو حتى استقدام مدير فني شاب بطموح جديد [8].
2. مصير اللاعبين الكبار والصاعدين
غالباً ما يصاحب تغيير المدير الفني تغييرات في التشكيلة الأساسية، وربما رحيل بعض النجوم، وإتاحة الفرصة للعناصر الشابة. من المتوقع أن تشهد فترة الانتقالات الصيفية المقبلة تحولات كبيرة في قائمة الأهلي.
3. المنافسة المحلية والقارية
يمتلك الأهلي كعادته قاعدة جماهيرية عريضة وإدارة رياضية قوية، لكنه سيواجه منافسة شرسة محلياً من بيراميدز والزمالك، وقارياً من أندية شمال إفريقيا وجنوبها. سيحتاج النادي لإعادة ترتيب البيت الداخلي لاستعادة الهيمنة الكاملة.
الفصل التاسع: دروس مستفادة – كيف ينظر الأهلي إلى المستقبل؟
1. أهمية الاستقرار الفني
تكشف تجربة كولر عن أهمية الاستقرار الفني في تحقيق البطولات، لكن مع ضرورة التجديد والتطوير المستمر في الفكر التكتيكي، وعدم الركون للإنجازات السابقة.
2. إدارة الأزمات
تعلم الأهلي مجدداً أن إدارة الأزمات لا تقتصر على التعامل داخل الملعب، بل تشمل القدرة على امتصاص الغضب الجماهيري، وتحويل الفشل إلى دافع للنجاح.
3. الاستثمار في الشباب
برغم الضغوط الكبيرة، أثبتت التجربة أن الاعتماد على العناصر الشابة وإتاحة الفرصة للمواهب الصاعدة هو الضمان الوحيد للاستمرارية.
4. التواصل مع الجماهير
حافظ الأهلي على صورته كـ”نادي القرن”، ليس فقط عبر البطولات، بل من خلال احترام مشاعر جماهيره، والتواصل المستمر معهم عبر منصاته الرسمية [9].
الفصل العاشر: كيف تؤثر إقالة كولر على المنافسة في الكرة المصرية والأفريقية؟
1. الدوري المصري: فرصة لبيراميدز والزمالك
تأتي إقالة كولر في مرحلة حساسة من الموسم، قد يستفيد منها بيراميدز المتصدر والزمالك العائد بقوة. سيحتاج الأهلي لوقت لاستعادة الثقة والانسجام بين اللاعبين والمدرب الجديد.
2. دوري أبطال إفريقيا: إعادة رسم خريطة القوى
خروج الأهلي من نصف النهائي، وإقالة مدربه، يمنح أندية مثل صنداونز والترجي والوداد دفعة معنوية، وربما يغير موازين القوى في القارة خلال الموسم المقبل.
3. سمعة المدربين الأجانب في مصر
يطرح القرار أسئلة عن مدى صبر الأندية المصرية على المدربين الأجانب، ومدى قدرتهم على التأقلم مع الضغوط والأجواء المحلية.
الفصل الحادي عشر: قراءة في عقل إدارة الأهلي – لماذا لا يقبل النادي القاهري إلا بالصدارة؟
1. فلسفة الفوز المستمر
تعود فلسفة الأهلي إلى إرث طويل من الانتصارات والبطولات منذ تأسيسه عام 1907. الإدارة والجماهير لا تقبل إلا بالصدارة، وترى في أي تراجع مؤشراً على الحاجة للتغيير الفوري.
2. مقارنة مع الأندية العالمية
يُمكن تشبيه سياسة الأهلي بعمالقة أوروبا مثل ريال مدريد وبايرن ميونيخ، حيث لا يُسمح للمدرب بالبقاء طويلاً إذا فقد السيطرة أو فشل في تحقيق الألقاب.
الفصل الثاني عشر: توصيات للمستقبل – كيف ينهض الأهلي مجددًا؟
1. التخطيط بعيد المدى
ينبغي على الأهلي الاستثمار في مشروع فني طويل الأمد، مع مدرب يمتلك رؤية واضحة، ودعم كامل من الإدارة والجماهير.
2. تعزيز البنية التحتية
تحديث أكاديمية النادي، وتطوير منظومة الكشافة، وزيادة الإنفاق على الطب الرياضي والتكنولوجيا، كلها عناصر ضرورية لمواكبة المنافسة الإفريقية والعالمية.
3. الانفتاح على التجارب العالمية
على الأهلي الاستفادة من تجارب الأندية الأوروبية في الإدارة الفنية، والتسويق، وتحقيق الاستدامة المالية.
الفصل الثالث عشر: كلمة أخيرة – رسالة إلى مارسيل كولر
رغم النهاية غير السعيدة، سيبقى اسم مارسيل كولر محفوراً في ذاكرة جماهير الأهلي كمدرب قاد الفريق لاحتلال عرش إفريقيا مرتين، وأعاد إليه الانتصارات بعد فترة من الشكوك والضغوط. ستظل تجربته درساً للمدربين الأجانب حول التحديات الفريدة التي تواجههم في الكرة المصرية، وستكون حافزاً للأهلي نفسه لمواصلة البحث عن المجد، مهما تغيرت الوجوه.