لواء سابق في الجيش المصري يؤكد دعم نظيره السوداني ويصف اتهامات حمتي بالتغطية على خسائره الميدانية في أحدث تطور للأزمة السودانية، جدد قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، اتهاماته لمصر بمساندة الجيش السوداني عسكريًا، بينما نفت مصادر مصرية هذه الادعاءات، مؤكدة أن القاهرة لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى.
وفي كلمة مصورة مساء الاثنين الماضي، قال حميدتي أن مصر قدمت دعمًا جويًا للجيش السوداني عبر ثماني طائرات يقودها طيارون مصريون انطلقت من مدينة دنقلا لقصف مواقع في كردفان ودارفور، كما اتهمها بإدخال 32 شاحنة عسكرية تحمل أسلحة وذخيرة ووقودًا للطيران يوم الأحد.
وفي المقابل، صرح مصدر مصري مطلع لصحيفة “الشرق الأوسط” بأن مصر لو كانت تقدم هذا الدعم العسكري لأعلنت ذلك بشكل واضح، مضيفًا أن السياسة المصرية، كما يؤكدها الرئيس عبد الفتاح السيسي، تقوم على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.
وأضاف المصدر أن حميدتي اختفى لفترة بعد الهزائم العسكرية التي مُنيت بها قواته، ثم عاد إلى الواجهة بإلقاء اللوم على مصر لتبرير تراجع قوات الدعم السريع أمام الجيش السوداني، معتبرًا أن هذه الاتهامات ليست جديدة ولم يقدم حميدتي أي دليل عليها.
من جانبه، أكد اللواء سمير فرج، مدير الشؤون المعنوية السابق في الجيش المصري، لجريدة الشرق الاوسط أن الادعاءات التي يطلقها حميدتي بشأن الدعم العسكري المصري للجيش السوداني تهدف إلى التغطية على خسائره الميدانية.
وشدد فرج على أن مصر ترى الجيش السوداني ممثلًا شرعيًا للسلطة في البلاد وتدعمه سياسيًا ومعنويًا، لكنها لا تقدم أي دعم عسكري كما يزعم حميدتي، مؤكدًا أن قوات الجيش السوداني استعادت السيطرة الكاملة على الخرطوم ومناطق واسعة من البلاد، وهو ما دفع حميدتي إلى محاولة تبرير انتكاسات قواته.
وسبق لحميدتي أن اتهم مصر في أكتوبر الماضي بدعم الجيش السوداني عبر تدريب قواته وإمداده بطائرات مسيّرة وشن ضربات جوية ضد قوات الدعم السريع، وهي تصريحات أثارت سخرية أوساط سياسية في مصر والسودان آنذاك، واعتُبرت محاولة لتبرير الخسائر العسكرية التي تكبدتها قواته.
وفي فيديوه الجديد، لم يقتصر حميدتي على اتهام مصر، بل لمّح أيضًا إلى دور إريتري في دعم الجيش السوداني، كما هدد ببدء “مرحلة جديدة” من الحرب، عبر مهاجمة مدن ومناطق جديدة في وسط وشمال السودان، ومنها مدينة الأبيض والولاية الشمالية، التي وصفها بأنها معقل لأنصار نظام البشير.
كما واصل حميدتي اتهام الجيش السوداني باستخدام “أسلحة كيميائية” ضد قوات الدعم السريع، وهي مزاعم لم يتم تأكيدها من جهات مستقلة.
حيث أنهى قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، صمتًا استمر منذ خسارة قواته مواقع استراتيجية وسط السودان، بما في ذلك العاصمة الخرطوم والقصر الجمهوري الذي استعاد الجيش السيطرة عليه في مارس الماضي.
وفي خطاب مسجل بُث مساء الاثنين، أعلن حميدتي بدء “مرحلة جديدة” من الحرب، موجهًا تهديدات باستهداف مدن ومناطق جديدة في وسط وشمال السودان، ومن بينها مدينة الأبيض، حاضرة ولاية شمال كردفان، والولاية الشمالية، التي وصفها بأنها معقل لأنصار نظام البشير، كما جدد اتهاماته للجيش السوداني باستخدام “أسلحة كيميائية” ضد قواته.
جاء خطاب حميدتي بعد أيام من معارك شرسة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني في ولايات شمال وجنوب وغرب كردفان، حيث تمكنت قواته من استرداد عدد من المدن والبلدات المهمة من قبضة الجيش، بما في ذلك النهود، الخوي، الدبيبات، أم صميمة، الحمادي، وكازقيل، وكبّدت الجيش خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات.
ويرى محللون أن سيطرة قوات الدعم السريع على هذه المناطق تعزز موقعها الميداني وتقربها من مدينة الأبيض، التي احتفظ الجيش بالسيطرة عليها منذ بداية النزاع في 15 أبريل 2023، ما قد يشير إلى استعدادها لتوسيع عملياتها العسكرية باتجاه هذه المدينة الاستراتيجية والمناطق الشمالية والوسطى.
أثار خطاب حميدتي تباينات واسعة حول توقيته ومضمونه، حيث يرى البعض أنه مجرد دعاية حربية تهدف إلى رفع معنويات قواته وإضعاف الجيش عبر الحرب النفسية، بينما يحذر آخرون من أن التهديدات التي أطلقها قد تؤدي إلى تصعيد عسكري خطير، يوسع رقعة الحرب مجددًا بعد أن انحسر القتال في بعض المناطق غرب البلاد.