تحت وطأة الحرب ..حرمان المواطنين في دارفور من أداء الحج حرمت مئات من المواطنين في ولايات دارفور من أداء فريضة الحج هذا العام، نتيجة لعوامل تتعلق بالصراع المستمر في المنطقة. ومن أبرز هذه العوامل تعقيد الإجراءات الأمنية وارتفاع التكاليف المالية، بالإضافة إلى المخاوف من الاعتقالات التي قد تطال الأفراد بسبب انتماءاتهم الجهوية والقبلية، وفقاً لمصادر وشهود عيان. هذه الظروف أدت إلى تفاقم معاناة المواطنين الذين كانوا يأملون في أداء هذه الشعيرة الدينية.
أوضح حمدان محمود جابر، أحد سكان مدينة الضعين، أن الإجراءات الأمنية المشددة في المناطق التي يسيطر عليها الجيش قد حالت دون سفر العديد من المواطنين من دارفور لأداء مناسك الحج. وأشار إلى أن السلطات في مدينة بورتسودان ترفض إصدار وثائق السفر للمواطنين القادمين من المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، مما يزيد من القلق بشأن احتمال اعتقال الراغبين في أداء الحج، خاصة من ولايات شرق دارفور. هذه القيود تضع عقبات إضافية أمام الحجاج الذين يسعون لتحقيق حلمهم الديني.
كما أضاف حمدان أن إدارة الحج في ولاية شرق دارفور تتواجد في بورتسودان، مما يجعل من الصعب التواصل معها للحصول على المعلومات اللازمة. في الوقت نفسه، يُمنع الحجاج من استخراج جوازات السفر في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، مما يزيد من تعقيد الوضع. علاوة على ذلك، فإن تكلفة الحج التي أعلنت عنها الإدارة، والتي تتراوح بين 13 إلى 14 مليون جنيه، تشكل عائقًا إضافيًا للعديد من الأشخاص، مما يضاعف من معاناتهم في ظل الظروف الراهنة.
عراقيل
قال حمدان آدم البشري، أمين أمانة الحج والعمرة في ولاية شرق دارفور، إنه لم يتمكن هذا العام سوى 49 حاجًا من أداء المناسك، بينما كانت الأعداد تبلغ حوالي 1200 حاج قبل بداية الحرب.
وربط ذلك بسيطرة الدعم السريع على الولاية، مشيرًا إلى أنها السبب الأساسي في منع المواطنين من تأدية الفريضة.
وفي الجهة المقابلة، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بعرقلة سفر المواطنين واعتقال البعض منهم، خاصةً من شرق وجنوب دارفور، وحرمانهم من الحصول على وثائق السفر بحجة انتمائهم لقوات الدعم السريع.
على الرغم من التحديات، أفاد مسؤول في إدارة الحج والعمرة بولاية جنوب دارفور بزيادة طفيفة في عدد الحجاج هذا العام، حيث ارتفع العدد من 37 إلى 48، رغم الظروف الأمنية وظاهرة النهب المسلح خلال الرحلة إلى ميناء سواكن في ولاية البحر الأحمر.
أشار إلى أن تكلفة الحج لهذا العام وصلت إلى 11.234 مليون جنيه عند السفر عن طريق الباخرة، و12 مليون جنيه عند السفر بالطائرة، مقارنة بـ6 و7 ملايين على التوالي في العام الماضي.
تكاليف السفر
قال أحد الحجاج من مدينة برام، الواقعة جنوب نيالا، إنه اضطر إلى استخدام طرق طويلة تمر بعدة مدن للوصول إلى بورتسودان، وقد خضع للتفتيش والاستجواب عدة مرات بسبب التوتر الأمني.
وأشار إلى أن العديد من الراغبين في أداء مناسك الحج لم يتمكنوا من إتمام الإجراءات نتيجة لانتهاء صلاحية جوازات سفرهم، أو بسبب خشيتهم من التعرض لسوء المعاملة، بالإضافة إلى الارتفاع في تكلفة الحج نتيجة انخفاض قيمة الجنيه السوداني أمام الريال السعودي.
أفادت المواطنة جميلة كبر من مدينة نيالا لـ “دارفور24” أنها بدأت في التحضير لأداء مناسك الحج هذا العام منذ وقت مبكر، لكن ارتفاع تكاليف السفر إلى بورتسودان منعها من استخراج جواز السفر واستكمال بقية الإجراءات اللازمة.
وأوضحت أن الطريق إلى بورتسودان أصبح مليئًا بالتحديات، مشيرة إلى أن الانتقال من نيالا إلى هناك يتطلب الآن ميزانية مستقلة، بالإضافة إلى التكاليف المرتفعة للحج نفسه.
في ولاية شمال دارفور، أفاد أمين الحج والعمرة عبدالله الدومة أبكر عثمان بأن 192 حاجًا من الولاية قد وصلوا إلى الأراضي المقدسة، مع بعثة إدارية تضم 8 أعضاء.
لكن مصدرًا مطلعًا أشار إلى أن جميع الحجاج قد غادروا من مناطق مثل طويلة وكلمندو ومليط والمالحة، أو كانوا من سكان الولاية الذين يقيمون في مناطق تحت سيطرة الجيش، حيث لم يغادر أي حاج من مدينة الفاشر بسبب الحصار المستمر المفروض عليها منذ أكثر من عام.
أفاد المصدر بأن اختيار بورتسودان كمركز رئيسي لاستكمال إجراءات الحج زاد من التكاليف وزاد من معاناة الحجاج في ظل تدهور الأوضاع الأمنية.
في ولاية وسط دارفور، أعلنت إدارة الحج أنها قامت بتسيير 104 حجاج عبر ميناء سواكن.
ومع ذلك، أفاد عدد من الحجاج بأنهم عانوا كثيرًا خلال رحلتهم، حيث اضطر بعضهم للسفر عبر تشاد إلى دولة أخرى ثم العودة إلى العاصمة المؤقتة بورتسودان لاستكمال الإجراءات.
قال أحد الحجاج، علي إبراهيم، إنه بدأ رحلته من مدينة زالنجي في يناير الماضي، حيث سافر بالبر من تشاد مروراً بالمثلث الحدودي حتى وصل إلى بورتسودان لإتمام الإجراءات. وأشار إلى أن تكلفة الحج تجاوزت 15 مليون جنيه، وأن العديد من الناس لم يتمكنوا من إكمال الإجراءات، خصوصًا فيما يتعلق باستخراج الجوازات.