شهد أحد أبرز أسواق العاصمة السودانية، الخرطوم بحري، خلال الأيام الماضية، عودة تدريجية للحركة التجارية، بعد أن شرع عدد من التجار في إعادة ترميم وترتيب محالهم المتضررة بفعل الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في محاولة لإحياء النشاط الاقتصادي واستقبال عيد الأضحى.
وجاءت هذه العودة عقب إعلان القوات المسلحة السودانية استعادة السيطرة على مدينة الخرطوم، وطرد قوات الدعم السريع منها، وسط دمار واسع طال الأسواق والمرافق العامة، حيث قدّرت السلطات الخسائر في سوق بحري وحده بمليارات الجنيهات.
وأوضح أحد التجار أنه عاد إلى السوق في وقت مبكر، ولم يجد أحدا في البداية، لكنه قرر المضي قدما.
وقال: “توكلت على الله، وعندما وصلت بدأت أفرش بضاعتي، ثم جاء بعض الناس وساعدوني. شعرت حينها أن السوق يمكن أن يعود، لكنه يحتاج فقط إلى عودة الناس”.
“الحياة تعود بعودة الناس”
وقالت تاجرة أخرى تعمل في بيع التوابل إنها فقدت متجرها بالكامل خلال الحرب، لكنها عادت مؤخرا وحاولت ترميمه رغم ضعف الإمكانيات.
وأشارت إلى أن حركة المبيعات ما زالت محدودة، مضيفة: “البيع ليس كما كان من قبل، فالناس لم تعد جميعها بعد. لكن الحياة تعود بعودة الناس، وإن شاء الله تستقر الأوضاع قريبا”.
وأشار أحد التجار إلى حجم الدمار الذي طال السوق، وذكر أن انقطاع التيار الكهربائي أجبرهم على استخدام الطاقة الشمسية لتشغيل ثلاجات اللحوم، بعد نهب معظم المعدات خلال الفترة الماضية.
وقال إن التجار نظفوا السوق بأنفسهم وبدأوا في تشغيله تدريجيا، مشيرا إلى توفر بعض السلع الأساسية مثل الخضروات، الفواكه، اللحوم، والمياه، كما لفت إلى أن الأسعار ارتفعت قليلا مقارنة بأسواق أخرى.
أمل في عودة الاستقرار
وفي سياق مشابه، تحدّث تاجر عاد من رحلة نزوح خارج البلاد عن الأوضاع الراهنة، وقال إن متجره في السوق الكبير تعرّض للنهب والتدمير الكامل، وإنه بدأ من جديد رغم ضعف القوة الشرائية وغياب حركة البيع بالجملة.
وأشار إلى أن بعض العاملين في السوق تورّطوا في عمليات نهب، مما زاد من تعقيد الأوضاع، على حد قوله.
وأكد تاجر آخر أن السوق الذي كان يُعد الأكبر في البلاد، تعرّض لتدمير شبه كامل جراء الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلى جانب اعتداءات من عصابات نهب مسلّحة.
وأوضح أنه لم يتلقَ أي دعم حكومي لاستئناف نشاطه التجاري، ويواجه صعوبات كبيرة في العمل.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية بعودة محدودة للنشاط، فإن التحديات لا تزال حاضرة، في ظل استمرار انقطاع بعض الخدمات الأساسية، وصعوبة الوصول إلى السيولة النقدية، إلى جانب ضعف القوة الشرائية وغياب الدعم الرسمي.
ويأمل المواطنون، مع اقتراب عيد الأضحى، أن تستمر حالة الاستقرار النسبي، وأن تعود الحياة الاقتصادية تدريجيا إلى ما كانت عليه، في وقت لا يزال فيه المشهد العام رهينا للتطورات الأمنية والسياسية المتسارعة في البلاد.
ويشهد السودان -وهو ثالث أكبر دولة إفريقية من حيث المساحة- منذ منتصف إبريل/نيسان عام 2023 حربا مدمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أسفرت عن سقوط عشرات آلاف القتلى وتشريد 13 مليون نسمة، في حين تعاني بعض المناطق من المجاعة، وسط “أسوأ أزمة إنسانية” في العالم بحسب الأمم المتحدة.
المصدر: الجزيرة مباشر