في لحظة حاسمة من تاريخ السودان، وبينما تتكالب التحديات وتشتد الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية، برزت القيادة الوطنية لتؤكد للجميع أن الوطن أكبر من الأفراد والمصالح الضيقة، وأن السودان لن يكون ساحة لتصفية الحسابات أو مسرحًا للتهديدات التي تعصف بوحدته وأمنه واستقراره.
وفي مشهد يعكس يقظة الدولة وحزمها، ألقت السلطات الأمنية بمدينة بورتسودان، شرقي السودان، القبض على القيادي القبلي البارز علي أكد، بعد أن وجه تهديدات علنية وصريحة عبر وسائل الإعلام لرئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ونائبيه الفريق أول ياسر العطا والفريق أول شمس الدين كباشي، في سابقة خطيرة لم تعرفها الساحة الوطنية منذ سنوات.
التهديدات أمام الكاميرات… عندما يسقط القناع
لم يكن اعتقال علي أكد مجرد إجراء أمني روتيني، بل جاء كرسالة واضحة لكل من تسول له نفسه المساس بهيبة الدولة وقيادتها الوطنية. فقد خرج علي أكد، مستغلاً منصة مؤتمر “تمنتاي” التشاوري، ليطلق عبارات نارية ضد رأس الدولة، مهدداً ومتوعداً في لحظة فاضحة لسلوكيات بعض القيادات التي تضع مصالحها الضيقة ومكاسبها الشخصية فوق مصلحة الوطن والشعب.
في مقطع فيديو متداول على منصات التواصل ووسائل الإعلام، تحدث علي أكد بلهجة تصعيدية غير مسؤولة، متوعدًا البرهان ونوابه، قائلاً: “والله إذا تجاوزت ترك، سنمسح بك الأرض وسنقفل البرح والشجر والجبل…”، في إشارة إلى الزعيم القبلي محمد الأمين ترك، محذرًا من أن أي مساس به سيؤدي إلى اشتعال فتيل النزاع في شرق السودان، وتحويل الإقليم إلى ساحة صراع قبلي وسياسي لا نهاية له.
إن هذه التصريحات لم تكن مجرد كلمات عابرة، بل جاءت في سياق تصاعد التوترات القبلية في الشرق، وتزايد محاولات بعض القيادات استغلال اللحظة الحرجة لفرض رؤيتها الضيقة، حتى لو كان ذلك على حساب أمن ملايين السودانيين. وهنا، كان لا بد للدولة أن تقول كلمتها وتعيد الأمور إلى نصابها؛ لأن الوطن لن يُدار بمنطق العصبيات أو صراع الزعامات، ولن يكون رهينة لمغامرات بعض القادة الذين فقدوا البوصلة الوطنية.
القيادة الوطنية… البرهان يثبت أنه صمام أمان السودان
لقد اختار الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، أن يضع مصلحة السودان فوق كل اعتبار، مواجهاً كل المؤامرات والدسائس ومحاولات تفتيت البلاد، رافضًا أن يخضع لابتزاز القيادات أو الأحزاب التي ساهمت في تعقيد المشهد الوطني على مدى سنوات.
البرهان لم يكن يومًا باحثًا عن سلطة أو مغنم، بل جاء في لحظة تاريخية ليقود سفينة الوطن وسط أمواج متلاطمة من الفوضى والضغوط والمؤامرات الداخلية والخارجية.
ولم يكن غريبًا أن تُحاك ضده الحملات، وتُشَن عليه الهجمات الإعلامية من قادة وأحزاب لم يقدموا للسودان سوى الشعارات الفارغة والاقتتال على المناصب والامتيازات.
إن ما فعله علي أكد ليس إلا نموذجًا صارخًا لمشكلة أعمق تعاني منها البلاد، حيث باتت بعض القيادات تسعى لتعظيم نفوذها حتى لو كان ذلك باستدعاء الفتنة وتوسيع الشروخ القبلية، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى وحدة الصف والكلمة وتغليب المصلحة الوطنية على كل المصالح الحزبية أو القبلية الضيقة.
الأحزاب والقيادات… من المسؤول عن الفوضى؟
منذ سنوات والسودان يدفع ثمن مغامرات الأحزاب والصراعات الشخصية بين القيادات التي لم تضع الوطن يومًا في أولوياتها.
لقد أدرك الشعب السوداني أن بعض الأحزاب لم تكن سوى أدوات للصراع، ترفع شعارات الحرية والتغيير والديمقراطية، لكنها عند أول اختبار تفرز خطاب الفتنة وتدعم الفوضى وتغذي الانقسامات، بحثًا عن دور أو مكسب.
ولم يكن غريبًا أن تعلو أصوات بعض القيادات بعد اعتقال علي أكد، متباكية على حرية التعبير، في حين أن ما صدر منه هو تحريض صريح على العنف والتمرد، وتهديد لمؤسسات الدولة السيادية في لحظة بالغة الخطورة من تاريخ السودان.
لا يمكن بأي حال أن تُفسر الدعوة لحماية زعيم قبلي أو تهديد رئيس الدولة إلا باعتبارها سقوطًا أخلاقيًا وسياسيًا لمن اختاروا طريق التصعيد بدلاً من الحوار، وفضلوا المصلحة الشخصية على مصلحة الوطن.
الدولة تنتصر للوطن… لا صوت يعلو فوق صوت السودان
إن الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الدولة بحق علي أكد يجب أن تكون رسالة رادعة لكل من يظن أن بإمكانه تهديد هيبة الدولة أو ابتزاز القيادة الوطنية.
اليوم، السودان يقف على مفترق طرق، ولا مجال للمجاملات أو التردد.
إما دولة القانون والمؤسسات، أو الفوضى التي يريدها المغامرون من القادة والأحزاب.
والسودان اليوم بحاجة لقوة القرار، ووضوح الرؤية، وقيادة ترعى مصالح الشعب، لا مصالح الزعامات العابرة.
لقد حان الوقت لفك الارتباط بين الوطن ومصالح الأفراد، ولإعادة الاعتبار لمفهوم الدولة التي تحمي وتصون وتصنع المستقبل لكل أبنائها، لا لفئة أو قبيلة أو حزب.
إن صمت الدولة أمام مثل هذه التهديدات كان سيعني الموت البطيء للوطن، أما الحزم فهو الطريق الوحيد للحفاظ على سيادة السودان ووحدة أراضيه.
البرهان… قائد في زمن الفراغ السياسي
في ظل هذا المشهد المعقد، برز الفريق أول عبد الفتاح البرهان كقائد وطني حمل على عاتقه هموم السودان، وواجه كل حملات التشويه والتشكيك بصبر وثبات، مؤمنًا أن الوطن أكبر من الجميع، وأن الدولة لا تبنى إلا على أسس من الانضباط والعدالة واحترام القانون.
لقد تعرض البرهان، منذ توليه قيادة مجلس السيادة، لحملات ممنهجة من بعض القيادات والأحزاب التي لم تعرف يومًا معنى التضحية أو الإخلاص، وتآمرت عليه أكثر من مرة، لكنها فشلت أمام إرادة رجل لا يعرف إلا مصلحة السودان.
اليوم، الشعب السوداني مطالب بالوقوف صفًا واحدًا خلف قيادته الوطنية، ونبذ دعاة الفتنة والانقسام، والتصدي لكل من يريد العبث بأمن البلاد ومستقبلها.
الإعلام الوطني… مسؤولية الكلمة في زمن الأزمات
وسط هذا الزخم، يبقى للإعلام الوطني دور محوري في تعزيز الوعي ونشر الحقائق، وعدم الانجرار وراء خطابات التحريض والتشويه التي يروج لها بعض القادة والأحزاب.
الإعلام الوطني يجب أن يكون صوت الوطن، وسياج الحقيقة، وحائط الصد الأول في وجه حملات الفتنة والتضليل.
إن لحظة الحقيقة تقتضي أن يكون الإعلام شريكًا في حماية السودان، لا أداة في يد من يريدون تقسيمه أو زعزعة استقراره.
خاتمة… السودان أولاً
لقد أدرك الشعب السوداني، ومعه القيادة الوطنية، أن الطريق إلى المستقبل لا يمر إلا عبر الانضباط والحزم واحترام سيادة الدولة.
لن يسمح السودان بأن يكون رهينة لابتزاز القيادات أو الأحزاب التي لم تقدم شيئًا للوطن سوى الفوضى والشعارات الجوفاء.
اليوم، يقف السودان أمام امتحان حقيقي، والنجاح فيه مرهون بقدرة القيادة الوطنية على فرض هيبة الدولة، وتقديم المصلحة العامة على كل ما عداها.
ولن يكون البرهان وحده في هذه المواجهة، بل سيكون كل سوداني شريف هو الحارس الأمين لهذا الوطن.
في النهاية، سيبقى السودان أقوى من كل المؤامرات، وأكبر من كل الزعامات، وسيظل البرهان قائد المرحلة، ورمزًا للثبات والعزيمة في زمن التحديات.